اوراق الخريف

موضوع: اوراق الخريف الإثنين أبريل 07, 2008 9:19 pm

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
إلى اخوتي أعضاء و عضوات
لقد عدت الآن بعد غياب طويل وكلي أمل أن أجد قراء لي كما اعتدت ,,
أو كما يقال البعيد عن العين بعيد عن القلب..
سبب ابتعادي هو انغماسي في سنة التخرج و عملي بعد ذلك..
أعدكم أعزائي أن لا انقطع كل تلك المدة و لعلكم لا تحفلون لكن أنا أحب هذا المنتدى من أعماق قلبي .. كما خرجت منها لكن الآن تحمل معها طفلة هي الأخرى ضحية تهورها و عنادها..
أمام فيلا متوسطة الحجم تحيطها حديقة أحسن تنسيقها كانت تقف مريم و صغيرتها .
تقف و قد تسارعت نبضات قلبها وجلاً..فهي تشعر برهبة وخوف تلميذ مشاكس يقف أمام باب مدير المدرسة.
جعلت تتأمل ذلك البيت و ذلك السور وفي قلبها تتصادم خليط من المشاعر المتناقضة.

انتبهت على صوت سائق سيارة الأجرة الذي كان قد حمل لها حقائبها..دفعت له المال ثم عادت إلى التحديق في باب الحديقة المفتوح لبرهة شعرت بأنها عادت ثمانية أعوام للخلف إلى ذلك اليوم الذي تركت فيه هذا البيت لترحل إلى عش الزوجية..لكنها فقط بدل أن تكون محملة بأحلامها الوردية محملة بأوجاع سنين..نعم ولن أنسى طفلة تمسك بيدها..

أخذت نفساً عميقاً و هي تخطو نحو باب البيت..وقبل أن تصل إلى العتبة فُتح الباب لتخرج منه امرأة حبلى كانت توجه حديثها إلى الداخل..

-هيا يا أولاد ساعدوا جدتكم..خالد أحضر برنسها الأزرق..هيا سأسبقكم..

وعندما التفتت و رأت مريم اتسعت حدقة عينيها و شهقت..ثم قالت بصوت مخنوق:مريما
ثم أردفت بسعادة وهي تفتح ذراعيها:مريم يا إلهي لا أصدق

ألقت مريم حقائبها و هرعت نحو شقيقتها وهي تقول:أنت حامل

بقيتا في أحضان بعضهما مدة غشاهما السكون ثم ما لبث أن عصفت بهما عاصفة هوجاء من البكاء..

أفاقتا على صوت عجوز تقف خلفهما تتكئ على شاب و فتاة..

-مارية من هناك

رفعت مريم رأسها عن منكب أختها لترى أمها تقف هناك فابتعدت عن ماريه و هي تقف أمامها..

اتكأت على عكازها لتقترب أكثروهي تصلح وضع نظارتها ثم همست بذهول:مريم

التي هرعت نحوها و احتضنتها:أماه..اشتقت إليك..

بكت العجوز وهي تستنشق عبير صغيرتها ثم قالت بألم:آه يا صغيرتيلم كل هذا الانقطاعأ لم يكن في البيرق سوى والدك

فهي منذ رحيل و الدها لم تستطع العودة إلى البيرق..فقد كانت مرتبطة به حد الجنون..

أما والدتها فزارتها هناك بضع مرات لكنها لم تعد تستطيع ذلك في السنوات الأخيرة بحكم مرضها..

قالت بأسف:أمي سامحيني..ها أنا عدت الآن..أوه.

فجأة تذكرت صغيرتها..فأفلتت والدتها وهي تقول:لبنى..

التفتت إلى صغيرتها التي كانت تقف في مكانها حيث تركتها..بدا الرعب في عينيها..

-لبنى..تعالي..

قالت مارية:يا إلهي لقد كبرت..

تقدمت بوجل نحو والدتها التي أفسحت بينها و بين جدتها..

التي مدت يديها نحوها وهي تقول بحنان:تعالي..تعلي إلى جدتك..لقد كبرت يا صغيرتي..

قالت مريم مشجعة:هيا إنها صاحبة الصورة التي قرب سريرك التي كانت تحملك و أنت صغيرة..

تمتمت لبنى بعفوية:لم يكن شعرها أبيض

تلك الجملة جعلتهم يضحكون رغماً عن دموعهم...

جذبتها جدتها و هي تقول ضاحكة:هذا ذنب خالتك مارية..منذ أن أصبحت حبلى لم تصبغ شعري..

رفعت سارة وجهها و كانت قد تذكرت شيئاً:أين أحمد

ذلك ما كانت مريم تخشاه فقالت وهي تتصنع الابتسامة:لم يتمكن من القدوم معنا..لكنه يبلغك سلامه.

وجهت مارية كلامها إلى ولديها..نزار..لمياء..سلما على خالتكما..

قالت مريم بدهشة:يا إلهي أصبحت عجوز يا مارية..نزار ..لمياء تعالى ..

احتضنتهما:لقد كبرتما..في أي سنة أنت يا نزار

تبسم وهو يقول:الأول ثانوي..

التفتت إلى لمياء :و أنت أيتها العروس

تورد خديها وهي تقول:في الصف السادس..
في حجرة المعيشة أمام المدفئة القديمة كانت تجلس مريم على أريكة وقد رفعت رجليها عليها و اتجهت بكامل جسدها نحو النافذة المطلة على الحديقة انتبهت على صوت والدتها:أين سرحت

اعتدلت في جلستها وهي تضحك:متى عدت

ضحكت العجوز وهي تقول:منذ عشر دقائق..تبدين منهمكة في التفكير..هل اشتقت إلى أحمد بهذه السرعة

تلاشت الابتسامة من شفتيها..نعم هكذا اختفت و تركت وجهها كمنحوتة إغريقية تجسد الألم ..
بدا الجزع في صوت والدتها..

بجهد عظيم تصنعت التبسم وهي تقول:لا..لا شيء..

ثم أعرضت صوب الحديقة .
آه يا أمي نعم اشتقت إليه..
اشتقت إليه منذ أول خطوة خطوتها خارج تلك الحجرة..
اشتقت إليه و أنا أرى الهواء يعصف بملابسه و يداعب شعره وهو يقف هناك على المرفأ يودعني بعينين لا أدري ما تحمله من مشاعر..
غامض..كان و لا زال حبيبي أحمد..

ودون أن تشعر كانت دموعها تصدق حديث نفسها..لكن من حسن حظها أن الظلام قد بدأ يلف الحجرة و ضعف نظر والدتها عامل آخر ليخفي سرها..

رفعت يدها لتمسح دموعها مع إشعال أختها لنور الحجرة و هي تقول :لم تجلسان في الظلام

-حقاً..مارية أين كنتم تريدون الذهاب عندما قاطعتكم

جعلت تسكب الشاي وهي تجيب:عمي سيقيم حفلاً غداً..وكننا ننوي الذهاب لتقديم المساعدة..
مدت لها قدح الشاي ..

-أوه..خسارة لما لم تذهبي

قالت والدتها بدهشة:ونتركك مستحيل..يا صغيرتي, كنا سنذهب من باب الواجب بينما هم لا يحتاجون .ما شاء الله كم من الخدم يملكون..

قالت مارية وهي تضع إحدى رجليها على الأخرى و تسترخي على الأريكة:رائع..غداً فرصة لتري العائلة..

بدا التردد على ملامحها وهي تقول:لا اظن أنها فكرة جيدة..

-لماذا

اعتدلت في جلستها وهي تقول:هل نسيت أن عمي يكرهني

ضحكت مارية وهي تقول:يكرهك

-نعم

أردفت:لا..مرت ثمانية أعوام يا عزيزتي..

تمتمت سارة :المسكين لم يعد كما كان..

قالت بدهشة:ماذا تقصدين

أردفت:اسألي الله له الشفاء..فهو مصاب بالسكر و الضغط و فوق ذلك فشل كلوي..

آزرتها مارية:تغير عمي كثيراً يا مريم..لم يعد ذلك الشخص المستبد و القاسي..تغير كثيراً..في كل مناسبة يسأل عنك و يدعو الله لك بالتوفيق..

شعرت بالأسى نحوه فوضعت قدح الشاي جانباً و هي تتمتم:لا حول و لا قوة إلا بالله..يا إلهي أين لبنى

نهضت فأمسكت مارية بيدها وهي تقول:لا تفزعي إنها مع لمياء و نزار..

تنفست الصعداء و جلست..حانت منها التفاتة ناحية الحديقة لتجد صغيرتها تدخل مع لمياء من باب الحديقة..

قالت متعجبة:أين ذهبوا

-أخذاها إلى المتجر..

تسلم يا حبي على الحاجات الجمدة دى

مقبل على الاشراف ان شاء الله

موضوع: رد: اوراق الخريف الأحد أبريل 13, 2008 6:08 pm

مشكور علي مرورك

تسلم ايدك

مشكور علي مرورك