الحفـــــــــــــــــلة و في المساء و أمام قصر منيف يشع كالثريا كانت سيارة مارية تشق طريقها إلى داخل الفناء..بداخلها مريم..
غشاها سكون رهيب وهي تراقب من خلال زجاج نافذتها تلك الحديقة و كل ما تحتويه أنحائها من ذكريات جعلت قلبها يرتجف و أشاحت بعينيها إلى الجهة الأمامية لتجد أن السيارة توقفت أمام باب القصر..
شعرت بدفء يغشا يدها التفتت لتجد أختها ترمقها بعينين هادئتين ..
-لا تقلقي كل شيء سيكون على ما يرام..
بصعوبة تبسمت وهي تهمس:أرجو ذلك..
فتحت الباب وهبطت ثم استقبلته وهي تتمعن النوافذ المضيئة أمامها توقفت عينيها عند خيال يقف بجانب الباب يوليها ظهره و سحب الدخان تحيط به..شعرت بيد أختها تشدها لتدخل..
سارت مع مارية و عينيها تحدقان في ذلك الخيال الذي تعلم يقيناً من يكون لكنها مضت بخفه ودخلت سريعاً متحاشية الاقتراب منه..
وفي ذلك البهو الواسع المليء بالناس كانت الأختان تشقان طريقيهما انتبهت مريم على صوت صغيرتها تنادي..
التفت لتجد لبنى تركض وخلفها لمياء..
ضحكت وهي تفتح لها ذراعيها لتحتضنها هتفت بعتب:تأخرتي
رأت آثار الدموع في عينيها ثم سمعت صوت لمياء تقول:لها أكثر من ساعة وهي تبكي..
هبطت إلى مستوى وجهها وقالت بحنان :لماذا كنت تبكين
احاطت والدتها بذراعيها وهي تهمس:لا تتركيني ماما..
شدتها إليها أكثر وهي تمسح على شعرها وتقول:لن أتركك يا حبيبتي..أبداً ابداً..
شعرت بها تهدأ و يديها ترتخي ثم ابتعدت عنها قليلاً وحدقت في وجهها..
أخيراً ابتسمت وهي تقول:هذا البيت كبير..
كانت ذلك آخر شيء تتوقع سماعه في هذه اللحظة فضحكت وهي تقول:نعم..ما رأيك
ابتعدت عنها وهي تقول:سأذهب للعب مع لمياء..
-انتظري..
طبعت قبلتها على رأس صغيرتها التي أمسكت بيد لمياء وحثتها على اللحاق بها..
نهضت لتسمع صوت أختها تقول:ياللصغار
..آه مرحبا عادل..
لذكر ذلك الاسم تجمد الدم في عروقها و وشعرت بعاصفة استوائية تهب بداخلها جعلتها تقف في مكانها دون حراك..
-مريم..
كان صوتاً رخيماً لكنه بدا لها آتياً من مكان سحيق..
أخذت نفساً عميقاً وهي تستدير ببطء و أسئلة كثيرة تمر بخاطرها..
هذا هو وجه أختها الذي اختفى ليظهر جسد ضخم..رفعت عينيها أكثر لترى وجهه..
شعرت بالهواء يقف في جوفها..
تبسم لها وهو يقول بما يشبه السؤال:مريم
أخيراً تمالكت نفسها فتبسمت وهي تقول:كيف حالك
رمقها بنظرة طويلة متفحصة شتت ما بقي من كيانها ثم ابتسم قائلاً:على أحسن حال..و أنت
-على أحسن حال..
ثم التزم الصمت وهو يتأملها فقالت مارية لتخفف من حدة التوتر:أين عمي
أجابها دون أن يرفع عينيه عن مريم :في المكتب..
-حسناً..سعدت بلقائك..ائذن لي..
ثم مضت أمامه لتلحق بها مارية..
تمتمت:تباً له..
-ماذا بك
التفتت مريم وهي تقول:تباً له..
ضحكت مارية وهي تقول:ترحيب غريب لشخص لم تريه لأكثر من عشرة أعوام..
-تباً له..