... غادرت مقر العمل بسرعة ..علني ألحق المسجد مبكرا ...
اليوم " الجمعة " ... عيد المسلمين ...
كان بودي لو أنني أقضي يومي بأكمله في حضن المسجد ... لست أدري ما سبب هذه اللوعة التي انتابت وجداني ...
وهكذا وجدتني أحث الخطى نحو باحة المسجد ...
عربات الباعة تعترض المتوجهين إلى الصلاة الجامعة ... عربات متراصة على الرصيف المؤدي لباب المسجد ...سلع متنوعة تثير الرائح والغادي ...: تفاح وموز ورمان ...وهناك عربتان صغيرتان دكتا حزما من النعناع و" الشيبة " ...وعلى قارعة الرصيف ...مناظر محزنة ...آخذة بمجامع القلوب الحية ...هنالك صفوف من المتسولين والمتسولات ...بثياب رثة .. وبعضهن مرضعات ...بل وحتى فتيات صغيرات قد اعتدن المكان وتعودن عليه...
...وكنت أتخطى بعض الأرجل المتمددة على الرصيف لأتمكن من العبور نحو باب المسجد ...
..وأنت تسير . . تلاحقك نداءات وكلمات حزينة يتفثت لها الفؤاد ...استعطاف ...دعاء ...آهات ...
.......
وأخيرا ..أختار مكاني بالصف الأول من المصلين عل صوتي وأنا أقول آمين يوافق صوت الملائكة
من وراء الإمام ...
وانصت لخطبة الإمام بأقصى ما أوتيته من سمع ...وكانت كلمات الامام- وهو يخطب - تقرع الفؤاد
وتثير الهمم ... تحض الاغنياء على إخراج الزكاة وأداء حق المغلوبين على أمرهم....
...ولست أدري متى أو كيف أو لماذا استدار الرأس مني لأجوب ببصري محملقا في الوجوه المحيطة بي ... كل ما أثار انتباهي في تلك اللحظة من الشرود...هو أن الكل كان يفهم تمام الفهم ...ويدرك كامل الادراك ...ما يقوله الامام الخطيب ...في أقصى درجات الوعي بالمسألة { الفقراء والأغنياء }..
...ومنهم هؤلاء البؤساء الذين غصت بهم جنبات المسجد من الخارج ...
...وختمت الصلاة بصلاة الجنازة ... ثم بصلاة الإستسقاء ....
اهتزت الدعوات ... ارتفعت الايادي بالدعاء والرجاء ...سالت دموع بعض الرحماء ...وخشعت بعض أصوات ذوي النيات الحسنة من الخشع الحضور ...
....وما كادت الصلاة تنتهي حتى تحولت ممرات المسجد إلى ساحة سباق وفرار إلى خارج المسجد..
تدافع ...زحام ...هرج ...مرج ...بل وتسابق لاقتناء الفواكه وما صادف الأعين من سلع ومعروضات ...وياللمفاجأة إإإ هاهي ذي قطرات المطر ... شآبيب انتظرناها بفارغ الصبر ...
تهللت الأصوات فرحا بالفرج الآتي من السماء ....
إنها بشرى بداية موسم الخيرات ... موسم المطر ...
...مطر يغسل الطرقات مما شابها ... ويغسل القلوب ...
فما كان مني إلا أن حركت لساني أخيرا بالحمد والشكر لله الحنان الوهاب ...
ليث كل الايام تكون يوم جمعة ...لكنها حكمة الله تعالى في كونه ...
إلـــــهـــــــي ...ما أعظمك ...
سبحانك ..سبحانك ....
بقلم : الأديب العاشق 21 .
__________________